الثلاثاء، 1 سبتمبر 2009

عطـــــــاره عـم محمود

مرسلة بواسطة فـدوى فـريد فتحى في 11:35 م


لو سألنى أحدهم يوما بجديه ...ماذا تتمنين ان تكونى مستقبلا ...سأجيب ببساطه

عاوزه أطلع عطــــــــــــــــــــــاره
كم كان محل العطار بالنسبه لى عالم سحرى وخيالى
تختلط فيه روائح البهارات و البخور بألوان احجار النار و عين العفريت
صلتى بمحل العطار بدأت من قبل حتى ان أولد ...اعتقد انه عشق بالوراثه
فتجاره جدى التى بارت قبل ان أولد بعقدين من زمان ..كانت فى هذا المجال
ولازال ابى مولعا بها...
كان يكفى ان تقول امى مثلا (البهارات خلصت او عاوزين شويه كمون )
حتى يتهلل وجهى فرح وسعاده وسرور
هذا يعنى زيارتنا لدكان عم محمود القابع بنهايه السوق
دكان قديم ترك الزمن علاماته على طلاؤه وبوابته و رفوفه ولم يشأ عم محمود تجديده
كان يقول دائما ( ...اما يبقى صاحب الدكان جديد يبقى يجددوا والحاجه بتقدم زى صاحبها إذا كان انا قدمت يبقى عاوزه الدكان يفضل جديد )
كان مدخل الدكان الضيق لايوحى ابدا بأتساعه من الداخل وذلك السقف العالى على غرار المبانى القديمه و الضوء الخافت ..جعلت من دكان العطاره عالم ملء بالاسرار
كان دكان عم محمود عالم قائم بحد ذاته ملهماً ومستفز للأبداع و أختلاق القصص
ذلك
المكتب الخشبى القديم الذى يغطى سطحه بزجاج
يحبس خلفه صور قديمه وحديثه
بعضها لممثلين وشيوخ و زعماء
وبعضها لأناس عاشرهم وعاشروه
وبعد تأمل وتتدقيق وتمحيص ألفت ملامح شخص فى أحدى تلك الصور
وكانت لخال والدتى
وعندما استفسرت قال (الحاج صبحى كان زينه السوق كلو والى ماعرفوش ماعرفش رجاله جدعان )
لمحت زهواً فى عين والدتى وفخراً فدائما ما كانت تقول امى
(السيره والسمعه الطيبه بتبقى اكتر من المال )
رحل الحاج صبحى عن عالمنا منذ اكثر من ثلاث عقود و ذهبت اخر قطعه من ممتلكاته معه
أعتقد اننا نحن جيل الاحفاد لا نعرف عنه الا اللمم
لكن سيرته باقيه ومحفوره فى ذاكره كل من عرفوه
أذكر ان عم محمود أول من عرفنى على محمد نجيب و حدثنى عن السادات
ورأيت عنده صور الشيخ النعينع و النقشبندى و رفعت
كان يحب ان يروى
كيف كانت الاسكندريه عندما كان صغيراً
وكيف كان يزرعها جيئا وذهابا عده مرات يوميا
وعندما سألته عن الصوره الاحدث فى مجموعته
اجاب بعين شارده انها لأبنى وليد ...الذى عرفت فيما بعد
انه من الناس الى سابت البلد وهجت........

أجوله متراصه مملوؤه بأشياء يجهل معظم الناس معظمها
لكن يعرفها جيداً من يريدها
مش دى قرفه ...
ايوه
ودى قرفه ...
ايوه بس دى كامله ودى مطحونه
والناس بتشتريها كامله ليه أما ممكن تاخدها مطحونه
كل حااجه وليها زبونها
لا أقتنع .....
كمون ...كسبره ..باميه ناشفه ..ملوخيه ناشفه ...مريميه...
تليو...كراويه ....حلبه.....جنزبيل ....فلفل أسود ....شطه حمرا...حبه البركه ...أوراق و سوق نباتات جافه .....
.حناء ...
أدمنت الحناء على يديه ...وارتبطت معى رائحه السعاده برائحه الحناء ...
وتلخصت عندى المكافأه فى قطعه سكر النبات او سكر القوالب التى كان ينفحنى أياها عندما تخبره والدتى كم انا ذكيه و مهذبه
ويقول لها (طبعا أبن الوز )

وعاوزه تطلعى ايه اما تكبرى ؟؟؟
زى حضرتك ...
ربنا يجبر بخاطرك ,,انتى تطلعى حكيمه زى بابا وماما..بس انتى عارفه العطار كمان حكيم

توافقه أمى ....وأندهش انا

أحيانا اتسأل ...هل أحببت عم محمود لأنه عطار ...ام احببت العطاره حبا فى عم محمود ؟؟؟

مررت من امام دكان عم محمود منذ عده أشهر
لم يعد دكان عم محمود .
لقد ذهب عم محمود ...ذهبت معه رائحه البخور ..وقطع السكر واللبان ...والشمع واوراق الورد الجافه
ذهب عن هذا المكان عبق القرفه و الينسون ومزيج جوزه الطيب مع اوراق اللورا
رحمك الله ياعم محمود ..لقد كنت أخر ما بقى لى من عهد طفولتى الذى ولى


نشرت فى جريده اليوم السابع

 

التسميات: , , , , ,

6 Comments:

  1. أحمد عادل said...
    4 سبتمبر 2009 في 7:50 ص  
    جميلة جدا جدا :)
    لقد استطعت ان استنشق الهواء المعبأ برائحة البهارات العطرة
    ورايت يد عم محمود الخشنة و جلبابه النظيف
    غير معرف said...
    4 سبتمبر 2009 في 11:56 ص  
    very beautiful as usual..
    congratulations!!
    i loved it.. it's diferent 'n ur arabic is very chic 'n magnificent :))
    congratulationssssss!yeah it must b published:D
    GOOD LUCK
    shaimaa maaly
    فـدوى فـريد فتحى said...
    4 سبتمبر 2009 في 9:22 م  
    شكراً يا شباب كده بتحرجونى بجد ...
    :)
    فدوى فريد said...
    5 سبتمبر 2009 في 6:31 ص  
    انا كمان كنت نفسي ابقى عطارة ..ولا زلت..دنياااااااااا
    فـدوى فـريد فتحى said...
    5 سبتمبر 2009 في 8:55 م  
    كده يا فدوى (كم هو غريب ان أنادى احدهم بنفس اسمى ) التوافق غير عادى ...
    طيب ايه رأيك انويها انتى وانا مستعده ابقى صبى عطاره معاكى ...
    بس حخد يوميتى قرفه و سكر نبات ...
    أيه رأيك ؟
    فدوى فريد توفق said...
    6 سبتمبر 2009 في 5:38 م  
    نفس الاحساس وانا بكلمك عمرى ماتخيلت انى اكلم حد بنفس اسمى

    واديها حصلت

    العطارة بقى اعملها دراسه جدوى واشوفلي حتة دكانة على ناصية الشارع علشان تكون معروفه للزبون


    واعمل الافتتاح هنا

    ولو على القرفه وسكر النبات ..ماشي علشان لسه مبتدئين بلاش غرامة

Post a Comment



Subscribe to: تعليقات الرسالة (Atom)